سخاء الأنفس
في بعض الأحيان تُثير الأخبار في نفسي الكثير من الألم ، وتثير في أحيان أخرى الخجل والشعور بالدونية ، من الأخبار التي أخجلتني خبر قيام(بيل جيتس) صاحب ميكروسوفت بدعوة أثرياء أمريكا إلى التبرع بنصف ثرواتهم لصالح العناصر الضعيفة في المجتمع ، والمدهش تلك الاستجابة الواسعة لتلك الدعوة حيث استجاب لدعوته أربعة وثلاثون مليارديراً أميركياً ، وبعضهم تجاوز الدعوة حين أبدى سخاء نادراً ، وذلك كما فعل (وورن بافيت) حين تبرع ب 99 % من ثروته التي سلخ معظم حياته في جمعها ، وأبقى لنفسه 1% فقط . بيل جينس هو الآخر أستاذ في السخاء ، حيث إنه منذ سنوات أسس جمعية خيرية ,و تبرع لها بنحو22 مليار دولار! . السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : لماذا لا يتبرع أثرياء المسلمين – و هم كثر- ب 10% من ثرواتهم وليس ب 50 % ؟ الجواب هو : لدى كل الأمم نصوص وحِكم ووصيا تحث على التبرع والإحسان, لكن الذي يشكل الفارق بين أمة وأمة هو التربية, نعم التربية, إنها هي التي تحوِّل النصوص والوصايا والأفكار العظيمة إلى ثقافة، أي إلى عادة وسلوك, نحن لدينا الكثير من النصوص التي إن عملنا بها صار التبرع جزءاً من سلوكنا اليومي, انظر إلى قول الله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره" وانظر إلى وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : إذا طبخت، فأكثر المرق، و تعاهد جيرانك, ووصيته للنساء : " يانساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها و لو فرسن شاة " أي لا تحقرن أن تهدي المرأة لجارتها و لو رجل شاة . و انظر إلى قوله صلى الله عليه و سلم " اتقوا النار و لو بشق تمرة " . نصوص كثيرة تحث الناس على البذل و الصدقة و لو لم يكن لدى الواحد منهم سوى تمرات قليلة, مادام هناك من ليس لديه أي تمرة. لماذا نُلقي الكثير من الطعام في القمامة و في المسلمين من حولنا من يشتهيه؟ و ما الذي علينا أن نفعله؟ |